نظرة إنصاف ا لى هذه الدعوة للشيخ يوسف الملاحيالحمد لله وبه وحده نستعين، وعليه نتوكل وإليه ننيب، وبحبله نعتصم ولا حول ولاقوة إلا بالله..- فإنه لا يكون الإنصاف إلا بالتجرّد .. ولا يتحقّق التجرّد إلا بالإخلاص ..ولا يستقلّ الإخلاص بالوصول إلى الحق إلا إذا كان بمعيّته حُسن البحث والطلب.. والله سٌبحانه وليُّ ذلك كلّه إذْ كل شيء في يديه وكلُّ خيرٍ من خزائنهسبحانه ..- والحكم على جماعة كبرى كهذه الدعوة العظيمة الخيّرة إذا فقد الورعوالتأنّي لم يُسعِفْه شيءٌ من الهدى والصوابِ والتحقيقِ .. وبادئ ذي بدءٍأُشير إلى أمرين:- = الأمر الأوّل : مشروعية الرحلة والسفر لطلب ثلاثة :-1- طلبِ العلمِ بأنواعه الصالحة والمفيدة، وأشرفُها علوم الشريعة ..2- لمصلحة الدعوة إلى الله تعالى، سواءً طُلب منا بعثُ الدعاة أو كان مبادرةًمنّا من غير طلبٍ .. ومن ذلك المؤتمرات الدعوية التشاوريّة التي تُعقد لذلك.3- السفرِ لطلب البيئة المؤمنة، أو الهجرة إلى بلاد الصلاح والتقوى هرباً منبيئة الفسق والفساد .. كما دلّت عليه أحاديث الهجرة وحديث الإسرائيلي الذي قتلمائة نفس وتاب فأرشده الناصح إلى القرية الصالحة يهاجر إليها ليتوب بحقٍّ فيها..= الأمر الثاني :أن كلَّ الجماعات الدعوية الإسلامية تعتمد ترتيب الخروجالديني الدعوي، ولكن تحت تسميات أخرى وبطابع آخر مشابهٍ ..- فقد رأينا الجماعات الأخرى تقيم المعسكرات والمخيمات الدينية لأشهرٍ أوأسابيع خاصةً في العطل .. وذلك لمدّة يحدّدونها .. ويضعون بين ذلك برامج علميةتعليمية إسلامية بالإضافة إلى برنامج رياضي ترفيهي تشجيعي..- وكنّا نحن نقيم مثل هذه المخيّمات العلمية العملية الدعوية لمدّة شهر فيبعض مناطق الجزيرة .. كنّا نضع فيها برنامجاً علميّاً من صحيح البخاريوالمنظومة البيقونية، وتيسير الوحييْن للشيخ عبد العزيز النجدي .. مع الدعوةالجادّة في منطقة ذاك المخيّم، وذلك عن طريق زيارة الناس ووعظهم والتحدّث معهم.. وكان لنا رحلات دعوية كنا نجوب فيها الجزيرة نلتقي بالناس في الباديةوالحاضرة ونعلّم الناس دينهم عقيدة وفقهاً مع الترغيب والترهيب ..- وكنّا نرى هذه المخيّمات والرحلات الدينية جزءاً من واجب دعوتنا السلفية.- وها هي المؤسّساتُ الدعوية الرسمية وشبهُ الرسمية تنتدب الدعاة وترسلهمإلى شتّى المناطق بمددٍ معيّنة في المواسم وغير المواسم ويشرفُ عليها علماءودعاة مشهورون وأفاضل، ولم يُنكر ذلك عليهم أحدٌ..- فلماذا نُنكر على هذه الدعوة الخيّرة ترتيباتها الدعوية في الخروج الدعويعلماً بأن هذه المُدَدَ -الثلاثة أيام، والأربعين، والأربعة أشهر- غيرُ مُلزمةولا هي مُلتزمة عندهم بل القاصي والداني يعرف خروجهم : الأسبوع، والأسبوعين،والشهر، والشهرين، والستة أشهر .. - وأيضاً فهم لا يتعبّدون بالمُدَدِ نفسِها إنما بقدر ما يقدّمون ويضحّونلدين الله تعالى الذي هو مقصد حياتنا ووجودنا والله المستعان ..وبــعــد ...= فإن كلَّ حديثٍ مرغِّبٍ في العلم وطلبه ((كقوله صلى الله عليه وسلم : منسلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهّل الله له به طريقاً إلى الجنّة ..)).- وكلّ آية كقوله تعالى {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقّهوا فيالدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون}.- فإنهما بدلالتهما على صحّة الرحلة في طلب العلم .. يدلاّن أيضاً دلالةًواضحةً على صحّة هذا العمل الشريف شرعاً وعقلاً .. دلالةً يقتنعُ بها كلّمنصفٍ يحبُّ أن يُنصف دعاة الإسلام المخلصين له قبل أن يُنصف نفسه .. (( الأمر الأوّل : الرحلة في طلب العلم .. وتقرير هذا العمل ))= إن الناس ليرتحلون ويسافرون على مستويي الأقطار والأقاليم بل والعالم سعياًفي طلب العلم واكتساب الدراسات العلمية الأوّلية والعليا في مختلف التخصّصاتبما فيها علم الشريعة بأبوابه الواسعة..- وإن البعثات التي تبتعثها الدول الإسلامية إلى مختلف الجامعات الخارجيةلَيُعَبِّرُ عن الشيء نفسه .. وفي كل ذلك ترتيبات زمنية -في عدد الشهوروالسنوات- وترتيباتٌ أخرى مرحليّة للمستويات العلمية وشهاداتها ..- والذي يشرف على هذه المؤسّسات التعليمية ومناهجها ويعطي شهاداتها في عامةمراحلها علماء أكفاء في تخصّصاتهم بما في ذلك المناهج الشرعية وعلومها ولاينكر ذلك عليهم إلاّ جاهلٌ بالدين ومقاصده والمصالح الشرعية ..- فكيف يُدّعى بعد ذلك أن الخروج مع هذه الجماعة الطيّبة لتعلّم الآدابالدينية والفضائل الإسلامية ليس من طلب العلم .. أو أنه بدعة محدثة ؟!!- إن علماء السلف الصالح ومحدثيهم كانوا يرحلون من أقصى البلاد إلى أقصاهامن أجل سماع حديث واحد في الفضائل، أو في قصص الأنبياء، أو في التفسير، وليسفقط في الأحكام والعقائد .. بل لم يكونوا يفرّقون في اهتماماتهم الحديثيّة فلايمكننا أن نهوّن من قيمة أحاديث الفضائل والآداب .. بل إن هذه الفضائل والآدابجزءٌ لا يتجزّأ من الأحكام الشرعية الخمسة وهي الإباحة، والتحريم، والكراهية،والوجوب، والاستحباب ..- وإن الأحاديث التي حواها كتاب "رياض الصالحين" -وقد قاربت الألف وتسعمايةحديثاً- قد بذل العلماء جُهداً عزيزاً من دمهم وصحتهم وأموالهم حتى جمعوها لناوأصبحت في متناول أيدينا في كل يسرٍ وسهولةٍ ..- وإن مؤلّفهِ الإمام النووي-رحمه الله-كان محسناً جداً في جهده الذي بذلهفي هذا المؤلَّف غزير الفوائد، عزيز الفرائد .. ولا يُنقِصُ فضل كتابه وجودُبعض الأحاديث الضعيفة فيه،فليستْ بشيءٍ بالنسبة لأحاديث الكتاب، ولا يكاد يخلومؤلّفٌ-قديمٌ أو حديثٌ- من مثل هذا الخطأ حتى كتب الأئمة الأعلام المشهورين لاتخلو من ذلك..- وإن المنتقدَ لا يدري أن هذا السّفر الجليل الذي اعتمدته الجماعة كمادةرئيسيّة في دعوتها الحكيمة .. لا يدري أنه قد حوى مئات الأحكام الشرعيةوالعقائدية ضمن هذه الأحاديث الشريفة .. وإن غلبة اسم الفضائل والآداب على هذهالأحاديث لا يعني أنه لا علاقة لها بالأحكام والعقائد بل هذا زللٌ وإبعادٌ ..وقلّةُ تمييزٍ في فقه السنّة النبوية وعلومها .. - وإن الأحاديث العقائدية والتي إليها ترجع أصول الاعتقاد تزيد على الستينحديثاً، لو أحسن الداعية فهمها وشرحها لأتى على عامة أبواب العقيدة بما في ذلكالصفات العُلى لله سبحانه..- وأيضاً فإن أحاديث الجهاد في سبيل الله تعالى نحو (68) حديثاً من(1285-1352) ..- وأحاديث الحث على العلم وطلبه (17) حديثاً غير المتفرقات وهي من(1386-1392). فهذا الخير الجزيل موجودٌ في الأبواب الثلاثة التي يَرِدُ فيها الانتقادعلى هذه الجماعة الطيّبة التي تدرّسه في المساجد .. وفي حلقات التعليم فيالبيوت كاملاً من بدايته حتى نهايته ...- ولقد قال لي أحد الفطناء الأذكياء في هذه الدعوة -وهو حافظ لكتاب اللهومتخصّص في علوم الحديث- قال لي :((إني لأدرّس رياض الصالحين فآتي على أبوابالعقيدة عامّة .. وأطرحُ ما أريده من خلال شرح الآيات والأحاديث وأدعو إلىالتوحيد وتصحيح الاعتقاد من غير لفتِ نظرٍ لذلك.. )).- وإن المنقدَ في هذا لغافلٌ عن هذه الآيات والأحاديث وما تحويه من الكنوزالأصولية .. وهو محتاجٌ إلى إعادة دراسة وتأمّل يحدوه الإنصاف وحسن النظر.. (( الأمر الثاني : - الدعوة والحِسْبة ))= فإن كلّ نصٍّ يتعلّق بالنصيحة والأمر والنهي فإنه ينطبق على هذه الجماعةالطيّبة ولتوضيح ذلك أقول مستعيناً بسيدي ومولاي وحده سبحانه :-- إن أهل العلم قد رأوا شرعيّة ((الحِسْبة)) وهم المحتسبون أجورهم عند ربّهمالمتوظّفون للدعوة وإنكار المنكرات الظاهرة .. ومهمّتهم حملُ الناس في نواديهمومجامعهم العامة، وأسواقهم وشوارعهم على أداء الفرائض والصلوات وعلى تركالمنكرات ..- وإن هذه الحِسْبة الجليلة قد أُسْقِطَتْ وهُجرت لأنّا أصبحنا في غُربةٍشادّة يتحسّر فيها المخلصون، ويصدق فيها قول الشاعر :-لهفـــي عليهــــم أُوجــــدوا في أمـــــــةٍ قَنِعَـــتْ مـــن الإسلامبالعُنــوانِلا يُعــــرف المعـــروفُ فيمـــا بينهــــــم والنكــرُ مـــألوفٌ بـلانكـــرانِخذلتْ ذوي النصحِ الصحيحِ وأصبحتْ عونــاً لكــــل مُضلّــلٍ فتّــــــانِ- وقد هدى الله سبحانه هذه الجماعة -وله المنّة جميعاً- لأسلوب الحِسْبةالصحيح والمتكامل، والمنطلقِ من المساجدِ بيوتِ الله سبحانه، والتي هي أشرفبقاع الأرض .. فهي مدارس محمد صلى الله عليه وسلّم الإصلاحية .. وهي مضافاتُالغرباء من المسلمين.. وموئل الدعاة إلى الله تعالى ...- وإن السفر وشدّ الرحال بين هذه الأقطار للدعوة إلى الله تعالى من خلال هذهالمساجد والمدارس الدعوية الحكيمة لهو من صميم الدين ومقاصده الإصلاحية، بل هوزبدةُ المصالح الشرعية لمن يعرفها ويقدّرها حقّ قدرها ...- أما شدّ الرحال إلى القبور أو إلى بعض المساجد تقديساً لها وتمييزاً لهاعن غيرها بل إلى أي بقعة تُقدّسُ ويُظنُّ فيها التميّزُ عن غيرها كالطور ونحوهفهو منكرٌ ومخالف للسنّة الصريحة الواضحة وهو مذهب السلف الصالح رضوان اللهتعالى عليهم حيث احتجّوا بالحديث ((لا تشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ..))على النهي عن السفر إلى الطور ... (( المؤتمرات الدعوية ))- ولا يدخل في هذا النهي الشريف : السفرُ لحضور المؤتمرات الإسلامية الدعويةفي مراكز الدعوة سواءً في الأردن، وفلسطين، أو الإمارات، أو في المراكز الكبرىفي الهند وبنغلادش وباكستان ..- فإن المقصد فيها هو المؤتمرات الدعوية نفسها، وليس ثمّتَ تقديسٌ للمسجدنفسه أو البقعة نفسها، فاللهُ اللهُ سبحانه ودعوتُه الأشرفُ هي المقصد ..- ومن نظر بإنصاف وبحث عن الحقيقة وصل إلى ذلك ..- ومن نظر باحثاً عن عيب الدعاة -وفي نفسه عليهم شيءٌ أو أشياءٌ- يستحيل أنيَصِلَ إلى الحقيقة ..- فها هي المؤتمرات الإسلامية الدولية تعقد في الجامع الأزهر والمجامعالفقهية في الرابطة الإسلامية الدولية، أو منظمة المؤتمر الإسلامي أو غيرها منالمؤسّسات ويحضرها العلماء والدعاة من كل مكان .. والسفر إليها يعتبر سفراًدينياً مشروعاً ولا يدخل في النهي عن شدّ الرحال .. (( والأمر الثالث : إحياء بيئة المساجد وإحياء دورها )) لقد أَحْيَوْا -بفضل الله تعالى عليهم- دَوْرَ المسجد على الحقيقة ليكونخليَّةَ نحلٍ تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتستضيف الدعاة، وتخرّجهم إلىسائر بقاع المعمورة ليدلّوا الناس على الخير، وليخرجوا الناس من دائرة الفسادوالتعلّق بزخرف الدنيا إلى دائرة الصلاح والإصلاح والإقبال على الآخرة، بيقينٍمفردٍ وإيمان طريٍّ وتحوّل إلى الهدى عجيب ..- وكم قد أسلم على أيديهم عشرات الألوف من الناس في الهند وأوروبا وأمريكا.. أسلموا وصاروا دعاةً للإسلام .. الإسلامِ الواضحِ البسيطِ من غير تعقيد ولاخلاف ولا ابتداعٍ ولا مذاهب ضالّة.. وها هي آثارهم شاهدةٌ لهم في كل مكان .. - ومن يستطيع بأي أسلوب كان أن يحيي المساجد بعدما أُغلقت وعطّل دورها فيالحياة؟؟ ومن عنده أسلوب آخر يعيد به للمسجد دوره من غير فتنةٍ ولا إضرار بالمسلمين؟؟ومن يدلّنا على حكمةٍ شرعيّة أقوى أو ألينُ من حكمتهم في الوصول إلى الهدىوإعادة الشاردين من الناس إلى بيوت ربّهم ليلتزموا فيها ويُعمّروها بالعلموالتعليم والدعوة والقرآن ؟!! (( هم أكبر سبب للهداية حتى الآن حتى لطلاب العلم ))- وهذا لا ينكره مخالفٌ فكم اهتدى على أيديهم آلاف الفسقة الذين كانوا حرباًوإيذاءً على دينهم ومجتمعاتهم واستعصوا على الهداة الناصحين حتى لانوا بأيديهؤلاء الحكماء المخلصين ..- بل إن غالبية هؤلاء المنتقدين لهذه الجماعة الطيّبة كانوا من ثمرة هدايةهذه الجماعة التي انتشلتهم من الظلمات إلى النور بإذن الله.. فليراجعوا أنفسهموضمائرهم فإن الخير الذي هم عليه -حتى طلب العلم- فإنه في صحيفة هذه الجماعةإذْ هي السبب الأوّل لهدايتهم..- وإن الجماعة نفسها هي التي حثّتهم على طلب العلم من بطون الكتب وعلى أيديالعلماء، ولأن هذه العلوم على التفصيل ليستْ عند الجماعة .. وهذا يؤكّد صحّةالمنهج الذي يحث الناس على استكمال الخير الذي ليس عندهم من أبوابه الأخرى وهوقمّة الإنصاف .. لكنهم ذهبوا يطلبوه عند المتشدّدين من إخواننا، فعادوا يرمونبالمنجنيق على الدعوة الطيّبة -التي أخذت بأيديهم إلى الهدى- بدلاً من شكرهاأو مؤازرتها بعلمهم الجديد الذي أضافوه إلى هدايتهم -ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله تعالى- وبدلاً من أن يزيدهم هذا العلم خشوعاًورهبةً فلقد أورث كثيراً منهم الجدل الذي أذهب عنهم هيبة الخشوع الأوّل فكانواعلى عكس قول الناصح العارف بالله ((انظر هل أنت كلّما ازددتَ علماً تزدادعملاً .. أم أنك تزدادُ علماً وترجع إلى الوراء)) أي اعمل بعلمك تزددْ بهنفعاً ويكن حجّةً لك، ولا تقل هذا سنة وتتركه وهذا مكروه وتأتيه، فإنك لا تزالتتساهل ويقسو قلبك بالشبهات حتى تقع في فخ الشيطان بالشهوة أو الشبهة أو الغضبوالله المستعان.. (( فهمٌ خاطئ فيه عصبيّة لا بد من تصحيحه ))- وسبب ذلك : ((الفهم الخاطئ بأن من تبنّى منهج السلف الصالح لا يجوز له أنيدخل مع جماعة أخرى..لأنّه في جماعة خاصّة بمنهجه..)).- وقد نَسِيَ أنّ المنهج السلفي هو تيّار إسلامي صافٍ مصفّى ينبغي أن يدخل-هذا التيّار- كل جماعة..وأن يتبنّاه كل فردٍ من أفراد الأمّة.. لأنه لا سلامةفي غيره لا اعتقاداً ولا شريعةً ولا سلوكاً .. فهو منهجُ أمّةٍ وليس مقصوراًعلى قومٍ معيّنين ليُعادوا به جماعات الإسلام الأخرى ودعاته .. بل إن حامل هذاالمنهج الأشرف هو قدوةٌ في التصحيح الإسلامي الحكيم لأخطاء الأفراد وأخطاءالجماعات إن فقه منهجه ..- وإذا كانت الجماعة قد صحّحت الكثير من الأخطاء .. وأقبلت على السّنن ..وطوّرتِ المفاهيم من حسنٍ إلى أحسن حتى اتسعتْ هوّة الخلاف الشديد بينهم وبينالصوفية في باكستان والهند .. وأَلْغَتْ في هذا السياق التصحيحي كتاب "تبليغينصاب" من منهجها لأخطائه الواردة فيه..- وإذا حصل هذا رغم المعاداة من المنتمين إلى المنهج السلفي لهم .. فكيف لوكانوا لهذه الجماعة من الناصحين بالحكمة واللين والبلاغ المتكرّر المبين ولاحول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم ..- وإنهم بشهادة غيرهم لهم -بما فيهم المنتقد المشنّع- ألينُ الدعاة معالدعاة وأكثرُ مقابلةً للسيئة بالحسنة .. وأجملهم لقاءاً وبشاشةً .. وأعلاهمتواضعاً وتأدّباً .. - وإنهم بشهادة غيرهم لهم : لَمنْ أهل الإخلاص والنيّات الصادقة .. ومن أهلالتضحية والصبر والمصابرة .. وأنهم بإخلاصهم هذا اهتدوا للكثير الكثير منالخير الذي غفل عنه غيرهم، خاصّة الدعوة الميدانية المؤثّرة التي تغزو الباطلوالمنكر مبادرةً وتحرَكاً إليه لتغييره .. وليس فقط دفاعاً مَيْتاً يُقدّمالضحايا ويفقد المواقع شيئاً فشيئاً .. وإن الباطل الذي غزا بيوت الناسوأفكارهم وعواطفهم في بيوتهم وعلى فرشهم لا يمكن دَحْرُهُ إلا بالمبادرة بغزوهبالمثل في بيوت الناس وفي أسواقهم، وفي نواديهم ومجامعهم .. وهي الدعوةالميدانية الحكيمة التي تصدّى لها وقام بها هؤلاء الكرام .. ثم لا يجدون سنداًمن إخوانهم الدعاة القاعدين وشبه القاعدين .. الذين قد يظنون أن الفتوى هيالدعوة .. أو العلم والتعليم هو الدعوة .. وإنما الدعوة والأمر والنهي هو واجبمستقل يأتي بعد العلم، وبعد العمل، ولا يقوم بهذا الواجب من اقتصر على التدريسونحوه بل هو جزء يسير من كلٍّ كبيرٍ .. = وإذا كان العلماء الأفاضل الكبار قد عادوا يصحّحون أو يُغيّرون موقفهمالسابق من هذه الدعوة، وذلك ضمن ما وردهم من معلومات .. ونصحوا بالخروج معهممنوّهين بحسناتهم وجهدهم وعلى رأسهم الشيخان الكبيران : ابن باز ، وابن عثيمينحفظهما الله..- وإن قمّة الإنصاف ليظهر أيضاً عند الشيخين الفاضلين : أبي بكر الجزائري فيالمدينة المنوّرة .. والشيخ عبد المجيد الزنداني في اليمن السعيد .. اللذينيأمران ويحثان طلبة العلم على الخروج معهم ليكمّلوا نور العلم بنور العملوالدعوة .. والذي لا يتمّ نوره إلا بهما .. فهلْ من مهوِّنٍ على نفسه ومقتدٍبهؤلاء الأعلام ناصحٍ لنفسه ولدينه ولعباد ربه ؟! التوفيقُ بيد الله سبحانهوالبصيرةُ من نعم المولى سبحانه فاللهم اهدنا وسدّدنا ولا تكلنا إلى أنفسنافيستزلّنا هواها والحمد لله أدباً وأبداً ..
شبكة الدعوة والتبليغ
خواطر في رحاب الإسراء
قبل ١٦ عامًا