٣‏/١٠‏/٢٠٠٧




استقالة مستشار بوش.. نهاية الحيل القذرة


واشنطن- أمريكا إن أرابيك


جاء إعلان كارل روف، كبير مستشاري الرئيس جورج دبليو بوش، في أغسطس الماضي أنه قرر الاستقالة من عمله في البيت الأبيض لينهي تاريخًا من الحيل القذرة التي مارسها الرجل، واستطاع خلالها الصعود سياسيًّا، وإيصال بوش إلى البيت الأبيض مرتين.

وقد ساعد نجاح روف في حث حركة اليمين المسيحي للحزب الجمهوري أثناء الفترة الرئاسية الأولى على ضمان فوز بوش بفترة رئاسية ثانية، لكن نجاحات روف تراجعت وبدأ نجمه يخبو منذ أن بدأت الشكوك في ارتباط اسمه بفضيحة تسريب هوية عميلة المخابرات الأمريكية "فاليري بليم" التي قامت هي وزوجها برفع دعوى قضائية ضده وضد نائب الرئيس ديك تشيني ومساعده السابق لشئون الأمن القومي لويس ليبي، بالإضافةِ إلى ريتشارد أرميتاج الذي اعترف في سبتمبر 2006م بأنه المصدر الحقيقي لتسريب اسم "فاليري بليم"، بحسب صحيفة "واشنطن بوست".


وقد ذكر الصحفي نيكولاس كونفيسور في صحيفة "نيويورك تايمز" أن روف هو أكثر الرموز السياسية نجاحًا في زيادة ثقة الحزب الديمقراطي في نفسه، فمنذ بروزه على الساحة العامة منذ ستة أعوام وجد فيه الديمقراطيون عنصرًا نموذجيًّا لتبرير نجاح "بوش" السياسي.


ويرى بعض المراقبين أن روف بدأ يفقد مهاراته في التخطيط لسياسات الرئيس، ويحلل الصحفي نيكولاس كونفيسور ذلك في مقالته قائلاً: "اتضح أن خصخصة الضمان الاجتماعي، والذي يمثل حجر الزاوية لمشروع "مجتمع الملكية"، الذي طالما نادى به رئيسنا، ما هو إلا كارثة سياسية، وها هي العراق قد تحوَّلت إلى عبء ثقيل، كما تدنت شعبية بوش لدرجة لم يصل إليها أي من الرؤساء الأمريكيين السابقين سوى الرئيس "ريتشارد نيكسون"، وأخيرًا تراجع مؤيدو الرئيس عن الالتفاف حوله بشكلٍ كبير، حتى إن بعض المحافظين البارزين يستشيطون غضبًا من تضخم حجم الكيان الحكومي والعجز في الميزانية.


وعلى الجانب الآخر حافظ روف على ابتهاجه (على الأقل علنًا) بشكلٍ مثيرٍ للدهشة أثناء الأسابيع الأخيرة للجولات الانتخابية رغم التوقعات المسبقة بتلقي الجمهوريين هزائم وخيمة في تلك الانتخابات، وصرَّح روف في مقابلةٍ لصحفية "واشنطن تايمز" اليمينية قائلاً: "إنني أثق في نجاحنا في انتخابات مجلس الشيوخ، كما أنني أثق في نجاحنا في انتخابات مجلس النواب".


وفي أبريل 2005م طرح فيلم وثائقي شهير ادعاء بأن نجاح بوش في انتخابات عام 2004م ما هو إلا تكليل لخطة روف على مدى ثلاثين عامًا متصلةً والتي استهدف منها جعل الحزب الجمهوري هو حزب الأغلبية بالولايات المتحدة، وسواء كان ذلك صحيحًا أم لا، فلا يمكن نسيان أن روف هو المحرك الرئيسي لعدة حملات سياسية تسببت في خسائر للديمقراطيين بدءًا من مسيرته في ولاية تكساس عند إدارته لحملة بوش الانتخابية.حيث يرجع الفضل إلى روف، على سبيل المثال، في تحول ولاية ديمقراطية مخلصةٍ إلى معقل جمهوري مهم، وقد تجلَّى هذا في فوز جورج بوش على منافسته الديمقراطية الشهيرة "آن ريتشاردز" في انتخابات عام 1994م، وهو الانتصار الذي تحوَّلت به ضيعة حاكمة ولاية تكساس إلى البنية الأساسية لخطة بوش- روف للزحف نحو البيت الأبيض.ويرى بعض المراقبين أن جزءًا من نجاح روف يعتمد على استعداده لخوض حروب غير نظيفة لتحقيق مآربه، وقد ظهر ذلك سابقًا في مسيرة روف؛ حيث قام في 1970م بسرقة ألف ورقة رسمية من مكتب النائب الديمقراطي "آلان ديكسون" الذي كان مرشحًا لمنصب وزير الخزانة، وطبع عليها التالي: "طعام مجاني، وفتيات، ووقت ممتع مقابل لا شيء"، ثم وزع الأوراق باعتبارها دعوة لحضور حشد لديكسون.ورغم تعطل المسيرة فإن ديكسون نجح في حملته، وقد علَّق روف على هذا الفعل الطائش بعدها بعدة أعوام قائلاً: "كانت مزحة جريئة لشاب في التاسعة عشرة، وأنا أندم على ارتكابها"
ويُذكر أيضًا أن روف اتجه للعمل مع "اللجنة القومية للجامعيين الجمهوريين"، وانخرط في حملة الرئيس "نيكسون" الانتخابية، وهناك جذب أنظار جورج بوش الأب الذي كان يشغل منصب مدير المخابرات الأمريكية "سي آي إيه" آنذاك.


وفي تقريرٍ كتبه روبرت رايش يقول عن روف: "ليس من قبيل الصدفة أن يكون روف هو أحد الجياد الرابحة في حملة نيكسون، فقد برع في استخدام الحيل القذرة التي تعلمها على يد معلمه الأول دونالد سيجريتي وتسلل إلى المؤسسات الديمقراطية لخدمة أغراض حملة نيكسون سيئة السمعة عام 1972م؛ وحظيت مواهب روف باهتمام جورج بوش "الأب الذي اعتلى منصب رئيس اللجنة القومية للحزب الجمهوري، وبالطبع أصبح الطريق ممهدًا أمام روف".


وفي عام 1986م ادعى روف أن الديمقراطيين زرعوا أجهزةَ تصنت داخل مكتبه في ولاية تكساس؛ حيث كان يروج لحملة المرشح الجمهوري بيل كليمينتس، ولم يظهر التحقيق الذي أجرته المباحث الفيدرالية أي دليل، مما أدَّى بمنتقديه لاتهامه بافتعال ذلك الادعاء.وفي نهاية عام 1999م ظهرت توقعات لها ما يبررها تدعي بأن روف هو المدبر للحملة المناهضة للسيناتور الجمهوري جون ماكين، والذي كان متوقعًا له أن يكون مرشح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة، وتهدف تلك الحملة إلى الترويج لتوقع سقوط ماكين فريسةً للاكتئاب لكونه أحد الأسرى الأمريكيين في حرب فيتنام. (ذي نيشن، 5 مارس 2001م).


واستمرت مسيرة روف في اتباع الحيل الهابطة التي مارسها على مدى مسيرته السياسية، ففي أثناء حملة بوش للرئاسة في 2004م اتُهم روف بالاتصال بجماعةٍ من قدامى المحاربين تستهدف تشويه تاريخ جون كيري في حرب فيتنام.وقد اعترف البيت الأبيض أن روف شارك في اجتماعات ساعدت في تحديد سياسات حكومة بوش تجاه الطاقة، في نفس الوقت الذي كان روف مالكًا لأسهم في شركة إنرون للطاقة وغيرها من الشركات، لكن الحكومة أنكرت أهمية الاجتماعات.وتمثل التأكيدات المستمرة على رجوع فضل نجاحات الجمهوريين المستمرة لروف مصدرًا للتسلية بالنسبة له.حيث عبَّر عن ذلك في مقابلةٍ أُجريت معه في أكتوبر 2006م قائلاً: "إن النظرية الأساسية لخصومي هي أننا إن لم نستطع أن نثبت أن روف هو الفاعل، إذاً فهو فعلاً الفاعل".

هناك تعليق واحد:

Ahmed Al-Sabbagh يقول...

مقال جميل

سعدت باكتشاف مدونتك


تحياتى